2011/10/29

البيشمركة الكردية وهروب غزلان العراق الى اسرائيل

حسنا يبدو أن الأنسان والحيوان على حد سواء في تحديد معاير الأمن والسلامة.     ( قصة حقيقية)

فمثلما هربنا أنا وأنت وقد تهربون انتم ايضاً ,هربت قبلنا حيوانات كان الاجدر بنا أن نرأف بها كي لاتضيع كما ضعنا .

سارت بنا الحافلة فرحين ومبتهجين سوى  واحداً عدانا ، كان  متشائماً  يتأفئف ويتململ دوماً كالحبلى ويتوعدنا بملجئ  وسط غابة  في مكان نائي  عن الشمس مسقف بالغيوم ولاصوت لصدانا  سوى نعيق الغربان. رذاذ المطر المنسدل على زجاج الحافلة لايعيق سرورنا برؤية المدن المضيئة والمحلات العامرة والفتيات الرشيقات وكبر واتساع حركة الناس مبتهجين  في كل مرة بأنها  ستكون محطتنا الأخيرة كلاجئين وستكون هي ملاذنا الآمن ,لكن صدق حدس اخينا المتشائم ووضعنا الرحال فعلاً في مكان أعتم من تفكيره الأسود بعد ان عبرنا كل المدن الجميلة ووصلنا الى قعر الدنيا كآبة .

غرفة صغيرة في ممر طويل دورة مياه مشتركة ومطبخ لطالما كرهت تجمع الافارقة السود فيه بسبب رآئحة طبيخهم  ،ناهيكم عن الصراصير اللعينة التي ما أن ينسدل النور حتى يبزغ  بريقها وتشع في كل مكان ولايمنعها شي من الدخول في اذنك  رغما عن انفك .بعد أن رمينا الامتعة الرخيصة التي كنا نملك  ، كلُ في ركن وجده لنفسه ، تطابقت  نظراتنا الحائرة تحدق بالوجوه العابسة الى ان طرق بابنا شخص ودعانا لتناول الطعام معه في غرفته .لم أتوقع يوما  أني ساجلس بقرب عدو نصنعه بانفسنا كما يصنع الطعام الفاخر ليقدم مجانا لعدو بالمقابل .كانت جلسة ودية تعارفنا فيما بيننا وتبين اننا من وطن مبعثر واحد كما نحن ،أصبح العدو المفترض صديق حميم واصبحت له صديقاً وفياً بالمقابل .بعد سنتين وهو يحدثني عن اعماله التي ندم عليها يوم كان من البيشمركة الكردية (العصاة) كما نسميهم نحن  ،قادنا الحديث بعيداً الى أن وصل بنا المطاف للحديث عن جمال وروعة بلادنا وما وهبنا الله من نعم فرطنا بها ولازلنا نفرط (الحديث الازلي للمغتربين )،وكان أجمل كلامه واعذبه وصفه لمنطقته المحاذية لايران  وكيف كان يرى قطعان الغزلان وهي ترعى هناك بأمان فهي موطنها المحبب .سئلته وماذا عنها اليوم وكان هذا السؤال قبل عشرة اعوام من اليوم .قال لم نعد نراها اطلاقاً فبسبب الحرب الايرانية على العراق نثرت على رؤوسها الصواريخ والقنابل وتفجرت تحت اقدامها الالغام بعد ان كان المسلمون  الاوائل ينثرون الحبوب والطعام في السهول والجبال لتاكل منها تلك الطيور والحيوانات أسوة بالأنسان فلا عدل اليوم ولارحمة . لكنه قال : آخر ما  كنت أراه وياسبحان الله كانت تلك القطعان ترعى في المناطق المحرمة بين طرفي النزاع حيث كانت تجد مآوى آمناً لها .من هذا الصديق الطيب عرفت أنه كانت هناك غزلان في العراق في مناطق خانقين وجلولاء كما وصف هو . ومرت السنوات وممرنا بحروب أخرى وأخرى  وأخرى نستعد لشنها مستقبلاً ....لاعليكم سأكمل لكم الحكاية وفيما كنت اليوم في زيارة لأحد الاصدقاء في مدينة اولم الالمانية  قمنا بجولة مع الأطفال  في احدى حدائق الحيوانات في  هذا البلد الاوربي الذي لجئت اليه ولكوني اب  لم أُعر انتباها بالغاً للحيوانات  مقابل انتباهي لأطفالي من حولي  ، لكن توقفت لبرهة أمام لوحة صغيرة معلقة على حاجز يفصل بيني وبين غزال، تقربت الى اللوحة واذا بأحد الغزلان يتقرب هو أيضاً باتجاه نفس اللوحة لكن هومن داخل القفص(هو في قفص صغير  وأنا في قفص كبير)  ، تركت اللوحة ونظرت للغزال  وقلت له  اسف ياصديقي هناك لوحة اخرى تمنع اطعام الحيوانات فدعني اتمتع بالنظر اليك فقط ،  واذا به وكما احسست كان يبادلني النظرات ويتمتع هو ايضاً  بي بالمقابل  ،ودليلي على هذا الاحساس ما اقوم به من جهد مبذول في كتابة هذا الموضوع فهناك شعور متبادل قد حصل عرفت لاحقا ما هو وها انا اسرده  اليكم. رجعت الى اللوحة الصغيرة التي تصف الغزال نوعه (داما) موطنه (بلاد مابين النهرين) نعم بلاد مابين النهرين لكنهم كتبوا على اللافتة  موطنه بلاد مابين النهرين -أيران وأسرائيل .هنا توقفت  والتقطت بعض الصور لذلك الغزال ولتلك اللوحة التي شاهتموها في اعلى المقال ولم تفمهوا مغزاها حيث أشارة اللافتة الى اسم الحيوان وموطنه الاصلي وكيف كانت الحرب العراقية الايرانية سبباً في هجرتها الى الملاذ الآمن أسرائيل .(لو كان لنا خيارأ بالهرب الى اسرائيل هل كنا سنهرب الى اسرائيل كما فعل هذا الحيوان؟؟؟) تقول اللافتة ايضاً أن هناك اليوم  مئة غزال من هذا النوع تم حمايتة في اسرائيل وتم توفير بيئة ومحمية لهم .لن أطرح أستفسارات كثيرة عن مصير الغزال اليوم في العراق ولماذا ولماذا ولماذا حتى لا أوجع قلبي أكثر واوجعكم معي لأني أعرف أن ما ضاع قد ضاع وسأترككم  مع صور لهذا الغزال العراقي من كامرتي الشخصية .التقطت بتاريخ 29/10/2011 المانيا .





ليست هناك تعليقات: